فصل: قال الفخر:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.من أقوال المفسرين:

.قال الفخر:

{وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فِضَّةٍ} في الآية مسائل:
المسألة الأولى:
اعلم أنه تعالى أجاب عن الشبهة التي ذكروها بناء على تفضيل الغني على الفقير بوجه ثالث وهو أنه تعالى بيّن أن منافع الدنيا وطيباتها حقيرة خسيسة عند الله وبين حقارتها بقوله: {وَلَوْلاَ أَن يَكُونَ الناس أُمَّةً واحدة} والمعنى لولا أن يرغب الناس في الكفر إذا رأوا الكافر في سعة من الخير والرزق لأعطيتهم أكثر الأسباب المفيدة للتنعم أحدها: أن يكون سقفهم من فضة وثانيها: معارج أيضًا من فضة عليها يظهرون وثالثها: أن نجعل لبيوتهم أبوابًا من فضة وسررًا أيضًا من فضة عليها يتكئون.
ثم قال: {وَزُخْرُفًا} وله تفسيران أحدها: أنه الذهب والثاني: أنه الزينة، بدليل قوله تعالى: {حتى إِذَا أَخَذَتِ الأرض زُخْرُفَهَا وازينت} [يونس: 24] فعلى التقدير الأول يكون المعنى ونجعل لهم مع ذلك ذهبًا كثيرًا، وعلى الثاني أنا نعطيهم زينة عظيمة في كل باب، ثم بيّن تعالى أن كل ذلك متاع الحياة الدنيا، وإنما سماه متاعًا لأن الإنسان يستمتع به قليلًا ثم ينقضي في الحال، وأما الآخرة فهي باقية دائمة، وهي عند الله تعالى وفي حكمه للمتقين عن حب الدنيا المقبلين على حب المولى، وحاصل الجواب أن أولئك الجهال ظنوا أن الرجل الغني أولى بمنصب الرسالة من محمد بسبب فقره، فبيّن تعالى أن المال والجاه حقيران عند الله، وأنهما شرف الزوال فحصولهما لا يفيد حصول الشرف، والله أعلم.
المسألة الثانية:
قرأ ابن كثير وأبو عمرو {سَقْفًا} بفتح السين وسكون القاف على لفظ الواحد لإرادة الجنس، كما في قوله: {فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السقف مِن فَوْقِهِمْ} [النحل: 26] والباقون سقفًا على الجمع واختلفوا فقيل هو جمع سقف، كرهن ورهن، قال أبو عبيد: ولا ثالث لهما، وقيل السقف جمع سقوف، كرهن ورهون وزبر وزبور، فهو جمع الجمع.
المسألة الثالثة:
قوله: {لِمَن يَكْفُرُ بالرحمن لِبُيُوتِهِمْ} فقوله: {لِبُيُوتِهِمْ} بدل اشتمال من قوله: {لِمَن يَكْفُرُ} قال صاحب (الكشاف): قرئ {معارج} و{معاريج}، والمعارج جمع معرج، أو اسم جمع لمعراج، وهي المصاعد إلى المساكن العالية كالدرج والسلالم عليها يظهرون، أي على تلك المعارج يطهرون، وفي نصب قوله: {وَزُخْرُفًا} قولان: قيل لجعلنا لبيوتهم سقفًا من فضة، ولجعلنا لهم زخرفًا وقيل من فضة وزخرف، فلما حذف الخافض انتصب.
وأما قوله: {وإن كل ذلك لما متاع الحياة الدنيا} قرأ عاصم وحمزة {لَّمًّا} بتشديد الميم، والباقون بالتخفيف، وأما قراءة حمزة بالتشديد فإنه جعل لما في معنى إلا، وحكى سيبويه: نشدتك بالله لما فعلت، بمعنى إلا فعلت، ويقوي هذه القراءة أن في حرف أبي، وما ذلك إلا متاع الحياة الدنيا، وهذا يدل على أن لما بمعنى إلا، وأما القراءة بالتخفيف، فقال الواحدي لفظة ما لغو، والتقدير لمتاع الحياة الدنيا، قال أبو الحسن: الوجه التخفيف، لأن لما بمعنى إلا لا تعرف، وحكي عن الكسائي أنه قال: لا أعرف وجه التثقيل.
المسألة الرابعة:
قالت المعتزلة: دلت الآية على أنه تعالى إنما لم يعط الناس نعم الدنيا، لأجل أنه لو فعل بهم ذلك لدعاهم ذلك إلى الكفر، فهو تعالى لم يفعل بهم ذلك لأجل أن يدعوهم إلى الكفر، وهذا يدل على أحكام أحدها: أنه إذا لم يفعل بهم ما يدعوهم إلى الكفر فلأن لا يخلق فيهم الكفر أولى وثانيها: أنه ثبت أن فعل اللطف قائم مقام إزاحة العذر والعلة، فلما بيّن تعالى أنه لم يفعل ذلك إزاحة للعذر والعلة عنهم، دل ذلك على أنه يجب أن يفعل بهم كل ما كان لطفًا داعيًا لهم إلى الإيمان، فصارت هذه الآية من هذا الوجه دالة على أنه يجب على الله تعالى فعل اللطف وثالثها: أنه ثبت بهذه الآية، أن الله تعالى إنما يفعل ما يفعله ويترك ما يتركه لأجل حكمة ومصلحة، وذلك يدل على تعليل أحكام الله تعالى وأفعاله بالمصالح والعلل، فإن قيل لما بيّن تعالى أنه لو فتح على الكافر أبواب النعم، لصار ذلك سببًا لاجتماع الناس على الكفر، فلم لم يفعل ذلك بالمسلمين حتى يصير ذلك سببًا لاجتماع الناس على الإسلام؟ قلنا لأن الناس على هذا التقدير كانوا يجتمعون على الإسلام لطلب الدنيا، وهذا الإيمان إيمان المنافقين، فكان الأصوب أن يضيق الأمر على المسلمين، حتى أن كل من دخل الإسلام، فإنما يدخل فيه لمتابعة الدليل ولطلب رضوان الله تعالى، فحينئذ يعظم ثوابه لهذا السبب.
ثم قال تعالى: {وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرحمن نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ} والمراد منه التنبيه على آفات الدنيا، وذلك أن من فاز بالمال والجاه صار كالأعشى عن ذكر الله، ومن صار كذلك صار من جلساء الشياطين الضالين المضلين، فهذا وجه تعلق هذا الكلام بما قبله، قال صاحب (الكشاف): قرئ {وَمَن يَعْشُ} بضم الشين وفتحها، والفرق بينهما أنه إذا حصلت الآفة في بصره قيل عشي، وإذا نظر نظر العشي ولا آفة به، قيل عشى ونظيره عرج لمن به الآفة، وعرج لمن مشى مشية العرجان من غير عرج، قال الحطيئة:
متى تأته تعشو إلى ضوء ناره

أي تنظر إليه نظر العشي، لما يضعف بصرك من عظم الوقود واتساع الضوء، وقرئ {يعشو} على أن من موصولة غير مضمنة معنى الشرط، وحق هذا القارئ أن يرفع {نُقَيِّضْ} ومعنى القراءة بالفتح، ومن يعم عن ذكر الرحمن وهو القرآن، لقوله: {صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ} [البقرة: 18] وأما القراءة بالضم فمعناها ومن يتعام عن ذكره، أي يعرف أنه الحق وهو يتجاهل ويتعامى، كقوله تعالى: {وَجَحَدُواْ بِهَا واستيقنتها أَنفُسُهُمْ} [النمل: 14]، و{نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا} قال مقاتل: نضم إليه شيطانًا {فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ}.
ثم قال: {وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السبيل} يعني وإن الشياطين ليصدونهم عن سبيل الهدى والحق وذكر الكناية عن الإنسان والشياطين بلفظ الجمع، لأن قوله: {وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرحمن نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا} يفيد الجمع، وإن كان اللفظ على الواحد {وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ} يعني الشياطين يصدون الكفار عن السبيل، والكفار يحسبون أنهم مهتدون، ثم عاد إلى لفظ الواحد، فقال: {حتى إِذَا جَاءَنَا} يعني الكافر، وقرئ (جاءانا)، يعني الكافر وشيطانه، روي أن الكافر إذا بعث يوم القيامة من قبره أخذ شيطانه بيده، فلم يفارقه حتى يصيرهما الله إلى النار، فذلك حيث يقول: {قال يا ليت بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ المشرقين} والمراد يا ليت حصل بيني وبينك بعد على أعظم الوجوه، واختلفوا في تفسير قوله: {بُعْدَ المشرقين} وذكروا فيه وجوهًا الأول: قال الأكثرون: المراد بعد المشرق والمغرب، ومن عادة العرب تسمية الشيئين المتقابلين باسم أحدهما، قال الفرزدق:
لنا قمراها والنجوم الطوالع.. يريد الشمس والقمر، ويقولون للكوفة والبصرة: البصرتان، وللغداة والعصر: العصران، ولأبي بكر وعمر: العمران، وللماء والتمر: الأسودان الثاني: أن أهل النجوم يقولون: الحركة التي تكون من المشرق إلى المغرب، هي حركة الفلك الأعظم، والحركة التي من المغرب إلى المشرق، هي حركة الكواكب الثابتة، وحركة الأفلاك الممثلة التي للسيارات سوى القمر، وإذا كان كذلك فالمشرق والمغرب كل واحد منهما مشرق بالنسبة إلى شيء آخر، فثبت أن إطلاق لفظ المشرق على كل واحد من الجهتين حقيقة الثالث: قالوا يحمل ذلك على مشرق الصيف ومشرق الشتاء وبينهما بعد عظيم، وهذا بعيد عندي، لأن المقصود من قوله: {يا ليت بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ المشرقين} المبالغة في حصول البعد، وهذه المبالغة إنما تحصل عن ذكر بعد لا يمكن وجود بعد آخر أزيد منه، والبعد بين مشرق الصيف ومشرق الشتاء ليس كذلك، فيبعد حمل اللفظ عليه الرابع: وهو أن الحس يدل على أن الحركة اليومية إنما تحصل بطلوع الشمس من المشرق إلى المغرب، وأما القمر فإنه يظهر في أول الشهر في جانب المغرب، ثم لا يزال يتقدم إلى جانب المشرق، وذلك يدل على أن مشرق حركة القمر هو المغرب، وإذا ثبت هذا فالجانب المسمى بالمشرق هو مشرق الشمس، ولكنه مغرب القمر، وأما الجانب المسمى بالمغرب، فإنه مشرق القمر ولكنه مغرب الشمس، وبهذا التقدير يصح تسمية المشرق والمغرب بالمشرقين، ولعل هذا الوجه أقرب إلى مطابقة اللفظ ورعاية المقصود من سائر الوجوه، والله أعلم.
ثم قال تعالى: {فَبِئْسَ القرين} أي الكافر يقول لذلك الشيطان يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين فبئس القرين أنت، فهذا ما يتعلق بتفسير الألفاظ، والمقصود من هذا الكلام تحقير الدنيا وبيان ما في المال والجاه من المضار العظيمة، وذلك لأن كثرة المال والجاه تجعل الإنسان كالأعشى عن مطالعة ذكر الله تعالى ومن صار كذلك صار جليسًا للشيطان ومن صار كذلك ضل عن سبيل الهدى والحق وبقي جليس الشيطان في الدنيا وفي القيامة، ومجالسة الشيطان حالة توجب الضرر الشديد في القيامة بحيث يقول الكافر يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين فبئس القرين أنت فثبت بما ذكرنا أن كثرة المال والجاه توجب كمال النقصان والحرمان في الدين والدنيا، وإذا ظهر هذا فقد ظهر أن الذين قالوا {لَوْلاَ نُزّلَ هذا القرءان على رَجُلٍ مّنَ القريتين عَظِيمٍ} [الزخرف: 31]، قالوا كلامًا فاسدًا وشبهة باطلة.
ثم قال تعالى: {وَلَن يَنفَعَكُمُ اليوم إِذ ظَّلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي العذاب مُشْتَرِكُونَ} فقوله: {أَنَّكُمْ} في محل الرفع على الفاعلية يعني ولن ينفعكم اليوم كونكم مشتركين في العذاب والسبب فيه أن الناس يقولون المصيبة إذا عمت طابت، وقالت الخنساء في هذا المعنى:
ولولا كثرة الباكين حولي ** على إخوانهم لقتلت نفسي

ولا يبكون مثل أخي ولكن ** أعزي النفس عنه بالتأسي

فبيّن تعالى أن حصول الشركة في ذلك العذاب لا يفيد التخفيف كما كان يفيده في الدنيا والسبب فيه وجوه الأول: أن ذلك العذاب شديد فاشتغال كل واحد بنفسه يذهله عن حال الآخر، فلا جرم الشركة لا تفيد الخفة الثاني: أن قومًا إذا اشتركوا في العذاب أعان كل واحد منهم صاحبه بما قدر عليه فيحصل بسببه بعض التخفيف وهذا المعنى متعذر في القيامة الثالث: أن جلوس الإنسان مع قرينه يفيده أنواعًا كثيرة من السلوة.
فبيّن تعالى أن الشيطان وإن كان قرينًا إلا أن مجالسته في القيامة لا توجب السلوة وخفة العقوبة وفي كتاب ابن مجاهد عن ابن عامر قرأ {إِذَا ظَّلَمْتُمْ إِنَّكُمْ} بكسر الألف وقرأ الباقون أنكم بفتح الألف، والله أعلم. اهـ.

.قال القرطبي:

{وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فِضَّةٍ} فيه خمس مسائل:
الأولى قال العلماء: ذكر حقارة الدنيا وقلة خطرها، وأنها عنده من الهوان بحيث كان يجعل بيوت الكفرة وَدَرَجها ذهبًا وفضة لولا غلبة حبّ الدنيا على القلوب؛ فيحمل ذلك على الكفر.
قال الحسن: المعنى لولا أن يكفر الناس جميعًا بسبب ميلهم إلى الدنيا وتركهم الآخرة لأعطيناهم في الدنيا ما وصفناه؛ لهوان الدنيا عند الله عز وجل.
وعلى هذا أكثر المفسرين ابن عباس والسدي وغيرهم.
وقال ابن زيد: {وَلَوْلاَ أَن يَكُونَ الناس أُمَّةً وَاحِدَةً} في طلب الدنيا واختيارها على الآخرة {لَّجَعَلْنَا لِمَن يَكْفُرُ بالرحمن لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِّن فِضَّةٍ}.
وقال الكسائي: المعنى لولا أن يكون في الكفار غنيٌّ وفقير وفي المسلمين مثل ذلك لأعطينا الكفار من الدنيا هذا لهوانها.
الثانية قرأ ابن كثير وأبو عمرو {سَقْفًا} بفتح السين وإسكان القاف على الواحد ومعناه الجمع؛ اعتبارا بقوله تعالى: {فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السقف مِن فَوْقِهِمْ} [النحل: 26].
وقرأ الباقون بضم السين والقاف على الجمع؛ مثل رَهْن ورُهُن.
قال أبو عبيد: ولا ثالث لهما.
وقيل: هو جمع سقيف؛ مثل كَثِيب وكُثب، ورَغيف ورُغُف؛ قاله الفراء.
وقيل: هو جمع سقوف؛ فيصير جَمْعَ الجمع: سَقْف وسُقُوف، نحو فَلْس وفُلُوس.
ثم جعلوا فعولًا كأنه اسم واحد فجمعوه على فُعُل.
وروي عن مجاهد {سَقْفًا} بإسكان القاف.
وقيل: اللام في {لِبُيوتِهِمْ} بمعنى على؛ أي على بيوتهم.
وقيل: بدل؛ كما تقول: فعلت هذا لزيد لكرامته؛ قال الله تعالى: {وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السدس} [النساء: 11] كذلك قال هنا: {لَّجَعَلْنَا لِمَن يَكْفُرُ بالرحمن لِبُيُوتِهِمْ}.
الثالثة قوله تعالى: {وَمَعَارِجَ} يعني الدَّرَج؛ قاله ابن عباس وهو قول الجمهور.
واحدها مِعراج، والمِعراج السُّلَّم؛ ومنه ليلة المعراج.
والجمع معارج ومعاريج؛ مثل مفاتح ومفاتيح؛ لغتان.
{وَمَعَارِيجَ} قرأ أبو رجاء العُطَارِدِي وطلحة بن مُصَرِّف؛ وهي المراقي والسلاليم.
قال الأخفش: إن شئت جعلت الواحد مِعْرَج ومَعْرَج؛ مثل مِرقاة ومَرقاة.
{عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ} أي على المعارج يرتقون ويصعدون؛ يقال: ظهرت على البيت أي علوت سطحه.
وهذا لأن من علا شيئًا وارتفع عليه ظهر للناظرين.
ويقال: ظهرت على الشيء أي علمته.
وظهرت على العدوّ أي غلبته.
وأنشد نابغة بني جَعْدة رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله:
عَلَوْنا السماء عِزّةً ومهابةً ** وإنا لنرجو فوق ذلك مظهرا

أي مصعدا؛ فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: «إلى أين»؟ قال إلى الجنة؛ قال: «أجل إن شاء الله» قال الحسن: والله لقد مالت الدنيا بأكثر أهلها وما فعل ذلك! فكيف لو فعل؟
الرابعة استدل بعض العلماء بهذه الآية على أن السقف لا حَقَّ فيه لرب العُلْو؛ لأن الله تعالى جعل السقوف للبيوت كما جعل الأبواب لها.
وهذا مذهب مالك رحمه الله.
قال ابن العربي: وذلك لأن البيت عبارة عن قاعة وجدار وسقف وباب، فمن له البيت فله أركانه.
ولا خلاف أن العلوّ له إلى السماء.
واختلفوا في السفل؛ فمنهم من قال هو له، ومنهم من قال ليس له في باطن الأرض شيء.
وفي مذهبنا القولان.
وقد بيّن حديث الإسرائيلي الصحيح فيما تقدّم: أن رجلًا باع من رجل دارًا فبناها فوجد فيها جرّة من ذهب، فجاء بها إلى البائع فقال: إنما اشتريت الدار دون الجرّة، وقال البائع: إنما بعت الدار بما فيها؛ وكلهم تدافعها فقضى بينهم النبيّ صلى الله عليه وسلم أن يزوّج أحدهما ولده من بنت الآخر ويكون المال لهما.
والصحيح أن العُلْو والسُّفل له إلا أن يخرج عنهما بالبيع؛ فإذا باع أحدهما أحدَ الموضعين فله منه ما ينتفع به وباقيه للمبتاع منه.